أخبار

حرب المعادن النادرة: الصين تُشعل أخطر مواجهة اقتصادية في القرن

في يوم 9 أكتوبر 2025، استيقظ العالم على زلزال اقتصادي غير مسبوق، عندما أعلنت الصين إيقاف تصدير المعادن النادرة إلى الخارج، مما أشعل أخطر مواجهة اقتصادية في القرن. القرار لم يكن تجاريًا عاديًا، بل إعلان حرب من نوع جديد، حرب لا تُخاض بالدبابات والصواريخ، بل عبر السيطرة على الموارد التي تشكّل أساس التكنولوجيا والطاقة الحديثة. في هذه المقالة، نستعرض تفاصيل هذه الأزمة، تأثيرها على الاقتصاد العالمي، وآفاق المواجهة بين القوتين العظميين.

🧪 ما هي المعادن النادرة وأهميتها؟

المعادن النادرة، وهي 17 عنصرًا كيميائيًا (15 لانثانيد بالإضافة إلى الإسكانديوم والإيتريوم)، تُستخدم في كل ما يحيط بنا تقريبًا: الهواتف الذكية، السيارات الكهربائية، شرائح الذكاء الاصطناعي، أنظمة الطاقة المتجددة، وحتى الصناعات العسكرية المتقدمة مثل محركات الطائرات وأجهزة الرادار. الصين تستحوذ على أكثر من 90% من عمليات استخراج ومعالجة هذه المعادن عالميًا، مما يمنحها قوة اقتصادية هائلة وقدرة على خنق الصناعات المتطورة في حال توقفت الإمدادات. هذه المعادن أصبحت أساس نمو التجارة العالمية، حيث شكلت منتجات الذكاء الاصطناعي نصف النمو التجاري في 2025، وفقًا لمنظمة التجارة العالمية.

⚔️ إعلان الصين ورد الولايات المتحدة

أعلنت الصين توسيعًا كبيرًا لقيود تصدير المعادن النادرة، مضيفة خمسة عناصر جديدة (هولميوم، إربيوم، ثوليوم، يوروبيوم، يتربيوم) إلى قائمة المقيدة، بالإضافة إلى تقنيات التكرير والمعدات ذات الصلة، مما يجعل 12 عنصرًا من أصل 17 مقيدًا. القواعد الجديدة، التي تبدأ تنفيذها في 1 ديسمبر 2025، تشترط ترخيصًا خاصًا لأي شركة، وتحظر التصدير إلى الشركات المرتبطة بالقوات المسلحة الأجنبية، وتمنع نقل التكنولوجيا أو المعدات إلى الخارج، وتلزم الفنيين الصينيين بتسليم جوازات سفرهم. هذا الإجراء يمتد إلى أي منتج يحتوي على 0.1% فقط من المعادن الصينية، مما يمنح بكين سيطرة غير مباشرة على معظم المنتجات الإلكترونية العالمية.

ردًا على ذلك، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 100% على جميع الواردات الصينية اعتبارًا من 1 نوفمبر 2025، مما يرفع الإجمالي إلى 130%، مع قيود على تصدير البرمجيات الحساسة إلى الصين، ووصف الخطوة الصينية بأنها “عمل عدائي شرير” يهدف إلى “أخذ العالم رهينة”. أدى ذلك إلى إلغاء الاجتماع المرتقب بين ترامب وشي جين بينغ في كوريا الجنوبية.

📉 تأثير الأزمة على الأسواق العالمية

دخلت الأسواق العالمية في حالة اضطراب فوري، إذ هبط مؤشر داو جونز بنحو 900 نقطة (أو أكثر من 2% في S&P 500)، مما أدى إلى خسائر تصل إلى 2 تريليون دولار في قيمة الأسهم الأمريكية، وارتفاع أسعار الإلكترونيات والسيارات الكهربائية، وتباطؤ الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة. الولايات المتحدة، التي تعتمد بنسبة 70% على الصين لاستيراد هذه المعادن، تواجه نقصًا حادًا في سلاسل التوريد للرقائق والمعدات العسكرية، مما يهدد الصناعات الدفاعية والتكنولوجية. على المستوى العالمي، يُتوقع ركود اقتصادي إذا استمرت الأزمة، خاصة مع تباطؤ نمو التجارة بنسبة نصفها المرتبط بالذكاء الاصطناعي.

⚖️ أوراق القوة لكل جانب

الصين تمتلك أربع أوراق حاسمة: احتكار شبه كامل لإنتاج ومعالجة المعادن النادرة (70% استخراج و90% معالجة)، صبر استراتيجي وقدرة على تحمل الأزمات طويلة الأمد، سوق داخلي ضخم يفوق 1.4 مليار مستهلك، وشبكة حلفاء اقتصاديين في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.

في المقابل، الولايات المتحدة تملك تفوقًا تكنولوجيًا في تصميم الشرائح والبرمجيات، إمكانية إنشاء مصانع جديدة لمعالجة المعادن خلال ثلاث سنوات (مثل مشاريع MP Materials)، دعمًا حكوميًا لشركات التعدين المحلية، وتحالفات مع الاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية، التي بدأت في تخزين كميات كبيرة من المعادن.

🧩 الخلاصة

حرب المعادن النادرة بين الصين والولايات المتحدة تمثل تحولًا جذريًا في الاقتصاد العالمي، حيث تراهن بكين على عدم قدرة الغرب على تحمل التعطّل، بينما تراهن واشنطن على الضغط التجاري لإجبار الصين على التراجع. النتائج بدأت بالظهور من خلال ارتفاع الأسعار واضطراب الأسواق، وقد تؤدي إلى انقسام هيكلي في الاقتصاد العالمي بين منظومتين منفصلتين، مما يغيّر خريطة التجارة والتحالفات لعقود. هذا التأثير سيمتد إلى الدول العربية من خلال ارتفاع تكاليف الإلكترونيات والطاقة، مما يتطلب استراتيجيات محلية لتنويع التوريدات وتعزيز الشراكات الدولية.

زر الذهاب إلى الأعلى